نسبها
•• أبوها
فهو: أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي رباه (صلى الله عليه وآله) طفلاً، وعلمه علم ما كان وما يكون شاباً، ونصبه من بعده علماً لأمته كهلاً، وفضائله لا تحصى، ومناقبه لا تستقصى، وبحار علمه لا تنزف، وأطواد حلمه لا تتزعزع، أعلم الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحلمهم، وأجودهم وأكرمهم، وأزهدهم وأشجعهم، وأعبدهم وأوفاهم، وأورعهم وأقضاهم.
وأما أمها عليها السلام:
فهي: البضعة الطاهرة، سيدة نساء العالمين، الصديقة الكبرى، فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلوات الله عليه وآله، ولدت لسنتين من المبعث.
وقيل لخمس بعد المبعث، وقيل: قبله.
وتزوجها أمير المؤمنين عليه السلام بعد الهجرة بسنة واحدة.
وتوفيت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس وتسعين يوماً، وقيل: بخمس وسبعين، وقيل: بأربعين، وقيل: بستة أشهر، وقيل غير ذلك، والأصح الأول.
وفضائل فاطمة عليها السلام كثيرة، ومناقبها لا تعد.
•• إخوتها وأخواتها عليها وعليهم السلام
إخوتها وأخواتها الذين هم من غير الصديقة الطاهرة فاطمة صلوات الله عليها:
فأولهم: محمد بن الحنفية.
قال سبط ابن الجوزي في تذكرته: كنيته أبو القاسم، وقيل: أبو عبد الله، وهو من الطبقة الأولى من التابعين، ولد بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقال أحمد في المسند: حدثنا وكيع، حدثنا مطر، حدثنا منذر، حدثنا محمد بن الحنفية، عن أبيه علي عليه السلام قال، قلت: يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولد اسميه بإسمك وأكنيه بكنيتك، قال: نعم.
قال: وأم محمد خولة بنت جعفر بن قيس الحنفي من سبي اليمامة.
قال الزهري: كان محمد من أعقل الناس وأشجعهم، معتزلاً عن الفتن وما كان فيه الناس.
وقال ابن سعد في الطبقات: لما استولى ابن الزبير على الحجاز بعث إلى ابن الحنفية يقول له: بايعني، وبعث إليه عبد الملك بن مروان يقول له كذلك، فقال لهما: أنا رجل من المسلمين إذا اجتمع الناس على إمام بايعته، فلما قتل ابن الزبير بايع عبد الملك.
وقال وهب بن نبه: كانت القلوب مائلة إلى محمد بن الحنفية.
نقول: كان محمد بن الحنفية أورع الناس وأتقاهم بعد أئمة الدين، وكان عالماً عابداً متكلماً فقيهاً، زاهداً شجاعاً كريماً، خدم والده الكرار وأخويه السبطين عليهم السلام خدمة صادقة، شهد حروب والده، وأبلى مع أخيه الحسن بلاءً حسناً.
وقال الباقر عليه السلام: ما تكلم الحسين عليه السلام بين يدي الحسن عليه السلام إعظاماً له، ولا تكلم محمد بن الحنفية بين يدي الحسين إعظاماً له.
وكفى في شأن محمد وجلالة قدره ما رواه الكشي عن الرضا عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: تأبى المحامدة أن يعصى الله عز وجل، وهم محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن الحنفية.
وكانت الكيسانية تقول بإمامته، ولكنه تبرأ منهم ومن دعواهم، وكان يرى تقديم زين العابدين فرضاً وديناً، كان لا يتحرك بحركة لا يرضى بها عليه السلام.
ولما اشتدت محنة ابن الزبير على الهاشميين وكثر اضطهاده لهم وامتنع محمد بن بيعته، حبسه في مكان يقال له: حبس عارم وفيه يقول كثير عزة ـ وهو من الكيسانية ـ يخاطب ابن الزبير:
يخـــــبر مــــن لا قيــــــــت إنـــك عائد
بــــل العائـــذ المظلوم في حبس عارم
ومـن ير هذا الشيخ في الخيف والمنى
من النــــــاس يــــعلم أنـــــه غير ظالم
ســــمـي نــــبــي الله وابــــن وصـــيـه
وفكـــاك أغلال وقــــــاضي المغـــــارم
ويقال: إنه حبسه في قبة زمزم، وحبس معه عشرين شخصاً من وجوه عشيرته وجماعة من بني هاشم، وهم الذين يبايعوه، وضرب لهم أجلاً إن لم يبايعوه فيه، وإلا أحرقهم بالنار، وأشار إلى بعض من كان مع محمد أن يبعث إلى المختار فيعرفه حديثهم وما تدعوهم به ابن الزبير ـ وكان المختار قد ظهر أمره في الكوفة، يدعو إلى الكيسانية والطلب بثار الحسين، ويسمي ابن الحنفية المهدي ـ فكتب إليه وقال في كتابه: يا أهل الكوفة لا تخذلونا كما خذلتم الحسين عليه السلام، فلما قرأ المختار كتابه بكى وجمع الأشراف وقرأه عليهم، وقال: هذا كتاب مهديكم وسيد أهل بيت نبيكم، وقد تركهم الرسول ينتظرون القتل والحريق، ولست أبا إسحاق إن لم أنصرهم وأسرب الخيل في أثر الخيل كالسيل، حتى يحل بابن الكاهلية الويل، ثم سرح إليهم عبد الله الجدلي في ألف فارس، وأتبعه ألف، ثم بألف وألف، فساروا حتى هجموا على مكة ونادوا: يا لثارات الحسين، ووافوا الحطب على باب القبّة، ولم يبق من الأجل سوى يومين، فكسروا باب القبة وأخرجوا محمداً ومن معه وسلموا عليه، قالوا: خل بيننا وبين عدو الله المحل ابن الزبير، فقال محمد، لا أستحلّ القتال في حرم الله، ثم لا نتابع عدا المختار، حتى خرج محمد في أربعة آلاف، فخرج إلى أيلة فأقام بها مدة سنتين، وكان ابن الزبير قد أحرق داره، وقيل: بل أقام بالطائف، وهو الأشهر.
وكانت وفاة محمد بن الحنفية بالطائف سنة إحدى وثمانين، وله من العمر خمس وستون سنة.
واختلف في مدفنه فقيل بالطائف: وقيل: بأيلة، وقيل بالمدينة والأشهر هو القول الأول.
وقد روى عبد الله بن عطا، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: أنا دفنت عمي محمد بن الحنفية، ونفضت يدي من تراب قبره.
ومن إخوتها: العباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان أمهم أم البنين فاطمة ابنة حزام الكلابية، تزوجها علي عليه السلام بإشارة أخيه عقيل ـ وكان عالماً بأنساب العرب وأخبارهم، وكانت من النساء الفاضلات العارفات بحق أهل البيت عليهم السلام، كما كانت فصيحة بليغة لسنة، ورعة ذات زهد وتقى وعبادة، ولإكبارها وجلالتها زارتها زينب الكبرى بعد منصرفها من واقعة الطف، كما كانت تزورها أيام العيد.
ولقد كانت تخرج إلى البقيع حاملة ولد العباس عبيد الله ترثي أولادها الأربعة، فيجتمع الناس لسماع رثائها فيبكون، ولا يزال مروان يسمع ذلك ويبكي.
فمن قولها:
تذكرينــــي بليــــوث العـــريـــن
لا تــــدعونـــي ويـــك أم البـنين
واليوم أصبـــحت ولا مـن بنـين
كــــانت بنـــون لـــي أدعى بهم
قد واصلوا الموت بقطع الوتين
أربــــعة مثـــل نــــسور الــربى
فكلهم أمسى صــــريعاً طعــــين
تـــنـازع الخـــرصــان أشلاءهم
بـــأن عبـــاســـاً قطيـــع الوتين
يـا ليـــت شـــعري أكمـا أخبروا
ومن قولها:
ـــــر عــــلى جمــــاهيـــر النـقد
يـــا مـــــن رأى العبـــاس كــــ
ـــــدر كـــل ليــــــث ذي لبـــــد
ووراه مــــــن أبــنــاء حــيــــــ
ـــــب بـــــرأســــه مــقطوع يد
أنـــبــئت أن ابــــنـي أصـــيــــــ
ل برأســـــه ضـــــرب العــــمد
ويـــــلي عـــــلى شـــــــبلي أما
ـــــك لمـــــا دنــــا منــــــك أحد
لـــو كـــــان ســــيفك في يديـــ
ولدت لعلي عليه السلام العباس، وعبد الله، وجعفراً، وعثمان.
أما العباس فكانت ولادته في الرابع من شعبان سنة ستة وعشرين من الهجرة، وله يوم قتله أربع وثلاثون سنة.
وكان له من الولد عبد الله والفضل والحسن ومحمد والقاسم وبنت، ويكنى أبا قربة وأبا القاسم وأبا الفضل، ويلقب بالشهيد والسقا وقمر بني هاشم وباب الحوائج.
وهو من عظماء أهل البيت علماً وورعاً ونسكاً وعبادة، ولكثرة السجود بين عينيه أثر ظاهر، وكان صلب الإيمان نافذ البصيرة، لا تأخذه في الله لومة لائم ولا أماني متمرد غاشم.
يدلنا على ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان جاهد مع أخيه الحسين عليه السلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً.
ويحدث الإمام السجاد عليه السلام من قبله عما عوضه الله تعالى عن يديه: بأن جعل له جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كجعفر الطيار، وعن منزلته في الجنان فيقول عليه السلام: له منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة.
ولفظ الجميع يشمل حتى حمزة أسد الله، وجعفر الطّيار مع الملائكة.
وأما تسمية سبط ابن الجوزي للعباس بالأكبر، واقتدى به الشبلنجي وغيره به، فالمراد منه أكبر أولاد أم البنين، أو أنه أكبر من يسمى بهذا الاسم من الطالبيين.